بسم الله الرحمن الرحيم
السلام ورحمة الله تعالى وبركاته تحية طيبة لزملائي الطلبة و الطالبات شعبة القانون مسلك القانون الخاص
ضمانات المتهم ودورها في تكريس المحاكمة العادلة
مقدمة:
من المعلوم أن تبني مبادئ المحاكمة العادلة في الدستور أو نصوص قانون المسطرة الجنائية أو فيهما معا ليس كافيا، طالما أن المشرع لم يرتب على هذه المبادئ نتائجها المنطقية ليضمن لها الحياة والفاعلية وسيبدو ذلك أكثر وضوحا عندما يتأكد لنا أن طبيعة النظام الجنائي المغربي تحول دون إمكانية ترجمة هذه المبادئ من الناحية الفعلية لا على مستوى النصوص ولا على مستوى الممارسة.
وما يعنينا التركيز عليه في بحثنا هذا هو ما يتعلق بمبادئ المحاكمة العادلة التي أصبحت مبادئ دستورية طبقا للدستور المغربي الجديد، حيث نجد الفصل 23 البند الرابع ينص على أن " قرينة البراءة والحق في محاكمة عادلة مضمونان"، ثم نص الفصل 119 في الباب السابع المتعلق بحقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة لينص على أنه "يعتبر كل مشتبه فيه أو متهم بارتكاب جريمة بريئا إلى أن تثبت إدانته بمقرر قضائي، مكتسب لقوة الشيء المقضي به"، وما تفرضه – هذه المبادئ- من احترام لضمانات الشخص المشتبه فيه من حماية حريته الشخصية والجسدية كأحد أهم هذه الضمانات، لأن الدستور الجديد نص في أيضا في الباب المتعلق بالحريات والحقوق الاساسية وبالضبط في الفصل 22 على أنه "لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة، كانت خاصة أو عامة.
لا يجوز لأحد أن يعامل الغير، تحت ذريعة معاملة قاسية، أو لاإنسانية أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية..."
وللارتباط الوثيق بين هذه الحقوق وبين المبادئ الأخرى للمحاكمة العادلة المتمثلة في الفصل بين السلطات الجنائية والتوازن بينهما، والمساواة بين المتقاضين واستقلال السلطة القضائية، باعتبار هذه الشروط ضرورية لحماية تلك الحقوق.
هل يمكننا أن نسجل منذ الآن ضعف هذه الضمانات وبالتالي ضعف أو غياب قرينة البراءة نظرا لعدم انعكاس تلك المبادئ لا في القانون ولا في الممارسة ؟
ويبقى مع ذلك من الضروري تسليط الضوء على القدر من ضمانات المشتبه فيه ونوع هذه الضمانات التي يسمح بها النظام الجنائي المغربي في مراحل المحاكمة، وذلك بهدف الحسم في مصير أهم مبدأ من مبادئ المحاكمة العادلة، مبدأ البراءة هي الأصل وما يترتب عليه من حقوق الدفاع ..
إذن أية ضمانات للمشتبه فيه خلال أطوار المحاكمة ؟
إن الحرية كأصل عام ترتبط بالعديد من حقوق الإنسان والمحاكمة العادلة إذ تعد تأكيد لهذا الأصل العام، فإنها تعد أيضا تأكيدا وضمانة لكل الحقوق المرتبطة به، ومن أهمها حق الإنسان في الدفاع عن نفسه، وحقه في السلامة الجسدية والنفسية ضد كل أنواع التعذيب والمعاملات الإنسانية والمهينة، والحق في التنقل بحرية، والحق في الحياة الخاصة ضد الأساليب التي تنتهك حرمة الشخص في مسكنه وفي شخصه وفي مراسلاته ومكالماته الهاتفية.
فالمحاكمة العادلة تقتضي رفض كل الإجراءات السالبة للحرية أو المقيدة لها إلا إذا نصت ضمن قيود وضوابط دقيقة، وفقط إذا كانت ضرورية للدفاع عن المصلحة العامة ومتناسبة مع الهدف.
إن المحاكمة العادلة – كجزء لا يتجزأ من مكونات كل مجتمع ديموقراطي- تعتبر هي قرينة البراءة، كما أن المحاكمة العادلة يتعين فهمها في نطاقها الواسع، الذي يشمل – إلى جانب المسطرة أمام هيئة الحكم- المرحلة القضائية السابقة، أي المسطرة أمام النيابة العامة وقضاء التحقيق وأيضا مرحلة البحث التمهيدي.
إذن هناك العديد من الضمانات لتكريس هذه المبادئ، ولكن يبقى أنها جميعها لن تتحقق الهدف منها إلا إذا اقترنت بجزاءات إجرائية فعالة تترتب على مخالفتها، ونظرية البطلان هذه تلعب دورا حاسما، ومن تم ضرورة تطويرها وتوسيع نطاقها، وكذلك ضرورة التأسيس لرقابة قضائية حقيقية وفعالة إن على مشروعية إجراءات المرحلة التمهيدية أو على ملاءمتها.
فهل يوفر التشريع والقضاء المغربي الضمانات الكافية للمشتبه فيه ؟ أم أنه بالنظر إلى طبيعة النظام الجنائي المغربي وخصائصه يتوجب علينا أن نسلم بأنه في الظروف المعروضة يفقد "المتهم" امتياز البراءة الأصلية وجانبا مهما من حقوق الدفاع ويئن إلى سرعة دوران الآلة القضائية.
هل تسمح طبيعة النظام الجنائي المغربي بخصائصه التفتيشية أن يقوم الدفاع بدوره كعنصر أساسي في توزان هذا النظام ؟
هل أحاط المشرع بأهم الضمانات بما يكفي من الدقة والوضوح وبالكيفية التي تضمن لها الفعلية والفعالية؟ وهل نظم الإجراءات التي قد تشكل مساسا بهذه الحقوق بالكيفية التي تضمن عدم اللجوء إليها إلا بضمانات محددة وفقط في نطاق ما تقتضيه ضرورات البحث وما تتطلبه مصلحة المجتمع ؟
للإجابة على هذه التساؤلات يتوجب علينا تقسيم بحثنا هذا إلى فصلين رئيسيين، نتطرق ف الفصل الأول إلى أهم الضوابط – العامة والخاصة – للمحاكمة العادلة وفق ما جاءت به النصوص الدولية والقوانين الوطنية، على أن نخصص الفصل الثاني لحديث عن أهم الضمانات القانونية التي قررها التشريع المغربي للمتهم خلال أطوار المحاكمة، بداية بالبحث التمهيدي ومرورا بالتحقيق وأثناء جلسات المحاكمة.
وذلك فق التصميم التالي:
- الفصل الأول: ضوابط المحاكمة العادلة بين النص الدستوري والمواثيق الدولية.
- الفصل الثاني: ضمانات المتهم وفق قانون المسطرة الجنائية وتكريس المحاكمة العادلة
رابط تحميل اضغط علي هنا (PDF) هنا
من فضلك شارك التدوينة مع أصدقائك لتعم الفائدة ولا تنسى أن حب المعرفة هبة تنموا بالمشاركة وزكاة العلم في نشره .
متمنياتنا بالتوفيق والنجاح للجميع.