بسم الله الرحمن الرحيم
السلام ورحمة الله تعالى وبركاته تحية طيبة لزملائي الطلبة و الطالبات شعبة القانون مسلك القانون الخاص
عرض تحت موضوع:
آثار عقد الكفالة
تقديم
للمعاملات الاجتماعية مجموعة من المقومات و المرتكزات من قبيل الثقة و اليسر و حفظ الحقوق و من اهم الآليات التي تحقق الغاية المنشودة و هو الضمان خصوصا في المعاملات المالية بين الافراد فكلما توفر شرط الضمان كان التعامل قائما على مرتكز متين يؤسس لفلسفة المعاملات الاجتماعية ، لكن الاشكال الذي كان سائدا في عدم توفر بعض الافراد على ما يقدموه كضمانة للحصول على حاجياتهم من هذا المنطلق جاءت فكرة الضمانات الشخصية التي جعلت من المعاملات تعرف نوعا من التطور و تضفي نوعا من الاستقرار الذي يكرس للأمن الاجتماعي بين مختلف الافراد
وتعد الكفالة صورة من الضمانات الشخصية التي أقرها الواقع قبل القانون حيث كان يعمد الافراد للإطمئنان على حقوقهم الى الضمانات العينية التي شكلت مصدر الثقة ، الى جانب ذلك عرف في بعض التعاملات الضمان الشخصي حيث يعمد شخص على ضم ذمته الى ذمة المدين و ذلك للوفاء بالدين الملقى على عاتق الاخير تجاه الدائن ، و قد اعتبر جانب من الفقه ان الضمانات الشخصية اسبق من الضمانات العينية من حيث النشأة إعتمادا على ان التأمين العيني يجب ان تسبقه فكرة الملكية و الحقوق العينية الى الظهور و ان يقوم تنظيمها بشكل قانوني و هذا ما لم يتوفر في المجتمعات البدائية القديمة لأنه يستلزم الامر توافر قدر من الرقي و التمدن، ومن ناحية اخرى كان المدينون عادة من الفقراء و ليس لهم ما يقدمونه كتأمين عيني اما التأمين الشخصي فكان من اليسر تقديمه بضم ذمة احد افراد القبيلة او الاسرة الى ذمة المدين و يروى انه في القرون الوسطى ان من لم يؤد دينه يعمد الى اعدامه فقبل صعوده حبل المشنقة يسأل هل لك شيء تدفع به دينك او يقال " هل من احد يكفلك " , فالكفالة اذن كانت و لازالت حلا لضمان الدين العالق غي رقبة المدين و الاداء في حالة استعصى عليه الامر.
وعلى غرار باقي التشريعات نظم المشرع المغربي عقد الكفالة بمقتضى ظهير الالتزامات و العقود و ذلك من الفصول 1117 الى 1169 حيث افرد لهذا العقد مجموعة من الاحكام اذ خصص الباب الاول من القسم العاشر للكافلة بوجه عام ثم تطرق الى آثار عقد الكفالة في الباب الثاني من نفس القسم وتطرق في الباب الثالث إنقضاء الكفالة و تطرق في الباب الاخير الى كفالة الحضور ، و عرف المشرع المغربي هذا العقد في الفصل 1117 حيث نص على ان الكفالة عقد بمقتضاه يلتزم شخص للدائن بأداء التزام المدين اذ لم يؤده هذا الاخير نفسه ، ونجد تعريف القانون المصري في المادة 772 من القانون المدني المصري بقوله الكفالة عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن ان يفي بهذا الالتزام اذا لم يف به المدين نفسه فالكفالة اذن تلتزم وجود التزام مكفول و هذا الالتزام يفترض وجود مدين اصلي به و الدائن ، كما تفترض الكفالة وجود عقد الكفيل الدائن بالالتزام الاصلي ( المكفول) فبموجبه يفي الكفيل بهذا الالتزام اذا لم يف به المدين الاصلي ، و الحاجة الملحة لهذا النوع من العقود جعل مختلف علماء "الفقه الاسلامي" يجيزون بمشروعيته اذا توافرت شروطه كون الدين محل الكفالة مشروع و غير محرم فلا يجوز كفالة دين ناتج عن بيع الخمور و المحرمات، وتعتبر كذلك من باب التيسير على الناس كما ان مشروعيتها كذلك تجعل الافراد يطمئمون الى التعامل مع بعضهم، و كغيرها من العقود المنظمة فالكفالة تتميز بخصائص نستشفها من النصوص المنظمة لها بمقتضى ظهير الالتزامات و العقود بحيث تعتبر الكفالة عقدا رضائيا فالكفالة عقد ولذا يشترط في العقود بصفة عامة الرضائية و ادا كان الفصل 1123 ق.ل.ع ينص على انه " يجب ان يكون التزام الكفيل صريحا و الكفالة لا تفترض " . فان هدا لا يجعل من الكفالة عقدا شكليا بل انها تنعقد بمجرد التراضي،كما انها عقد ملزم لجانب واحد و تعتبر الكفالة عقدا تبرعيا بالنسبة للكفيل كما انها عقد تابع فالكفيل قد يكون متبرعا للمدين بالكفالة وقد يكون متبرعا بحقه في الرجوع عليه بعد الوفاء بالدين وقد لا يكون متبرعا له بشيء من ذلك بل كفالة مقابل مبلغ نقدي مع حفظ حقه في الرجوع بما يوفيه للدائن، وكل هذا لا يؤثر في طبيعة عقد الكفالة لأن العلاقة بين الكفيل والمدين خارجة عن هذا العقد إذ المدين أجنبي عن عقد الكفالة و يترتب على اعتبار عقد الكفالة من عقود التبرع اشتراط أهلية خاصة في الكفيل حتى يعتبر العقد صحيحا وهي أهلية التبرع.
و يلاحظ ان طابع التبعية الذي يميز العلاقة بين التزام الكفيل و التزام المدين الاصلي يفرض ان يكون التزام المدين التزاما صحيحا و ذلك حتى يكون التزام الكفيل صحيحا أيضا ، حيث نص المشرع المغربي انه لا يجوز ان تقوم الكفالة الا اذا وردت على التزام صحيح . و الملاحظ ان المشرع المغربي لم يتعرض الى " كفالة التزام معل على شرط " عكس المشرع المصري الذي اقر جواز الكفالة في الدين الشرطي .
وعليه فبانعقاد عقد الكفالة تنتج مجموعة من الآثار التي خصها المشرع في الباب الثاني من القسم العاشر كما اسلفنا الذكر و ذلك من الفصول 1113 الى 1149 الامر الذي يجعل امر التفصيل في آثار هذا العقد محور موضوعنا باعتبارها جانبا مهما يأسس للكيان القانوني للكفالة من خلال مجموعة من الحقوق و الواجبات التي للأطراف الحق في تنفيذها خصوصا بعد ابرام العقد .
و نشير الى ان مجموعة من التشريعات اهتمت بهذا النوع من العقود كما خصت عقد الكفالة بمجموعة من الاحكام و ذلك بما يتناسب و الظروف الاجتماعية و الاقتصادية من اجل تكريس مفهوم الضمانات الشخصية لدى افراد المجتمع و عدم الاقتصار في المعاملات على الضمانات العينية لما تشكله من صعوبة في الاجراءات عل مستوى افراغ الذمم المالية لأصحابها و تقييد حرياتهم في التصرف فيها . مما يجعلنا نتساءل بدورنا ، هل احاط المشرع المغربي عقد الكفالة بالأحكام اللازمة و المتطلبة قانونا ؟ هل الاحكام المنظمة لعقد الكفالة كفيلة بتشجيع الافراد للتعامل بالضمانات الشخصية ؟ ثم هل واكب المشرع المغربي من خلال المقتضيات القانونية للكفالة المتطلبات الاقتصادية و الاجتماعية ؟ كل هاته الاسئلة الفرعية تنضوي تحت إشكال عام و هو :
ما مدى توفق المشرع المغربي احاطة عقد الكفالة بالأحكام القانونية الضامنة لحقوق اطراف العقد ؟
اهمية الموضوع
تكمن اهمية معالجة عقد الكفالة بإعتباره واحدا من العقود المدنية الاكثر تداولا خصوصا على مستوى المعاملات العقارية و المدنية بصفة عامة و التجارية بصفة خاصة لتميزه بخصائص لا يمكن اجادها في عقود اخرى ، لذلك ارتأينا عرض الجوانب القانونية التي خصها المشرع بنصوص بمقتضى ظهير التزامات و العقود ثم تليها مرحلة سبر اغوار الاشكال الذي طرح في المقدمة محاولين ايجاد حل و الاجابة عنه.
و الجدير بالذكر اننا سنركز في موضوعنا على الاحكام القانونية الخاصة بآثار عقد الكفالة كما هو واضح من خلال العنوان لنرى بنظرة علمية تحليلية مدى جودة النصوص المنظمة للعقد ، الى جانب ذلك سنتناول جانب الانقضاء لعدة اعتبارات من بينها كون هذه مرحلة جاءت كمرحلة أخيرة تلي مرحلة الآثار ، بحيث يرى جانب من الفقه ان معالجة اي عقد من ناحية الآثار يحتم على الباحث عرض جانب الانقضاء خصوصا اذا علمنا ان السير السليم لآثار العقد يرتب انقضاء بدون نزاع .
خطة البحث :
كما اشرنا في السابق فإن طبيعة الموضوع ارتأينا معها ان نعالج الاشكال من
خلال جانبين متلازمين و ذلك و فق تقسيم ثنائي اكاديمي حسب الشكل الآتي :
+المبحث الاول : آثار عقد الكفالة
+المبحث الثاني : انقضاء عقد الكفالة
رابط تحميل اضغط علي هنا (PDF) هنا
من فضلك شارك التدوينة مع أصدقائك لتعم الفائدة ولا تنسى أن حب المعرفة هبة تنموا بالمشاركة وزكاة العلم في نشره .
متمنياتنا بالتوفيق والنجاح للجميع.