مفهوم الحقوق المعنوية وأقسامها
مقدمة:
يميز الفقه بين ثلاثة أنواع من الحقوق المالية تتمثل في الحقوق العينية، والحقوق الشخصية، والحقوق الأدبية أو المعنوية.ويقصد بالحقوق العينية سلطة مباشرة لشخص على شيء معين بالذات تخول له الاستئثار بقيمة مالية، أما الحقوق الشخصية فيراد بها تلك الرابطة القانونية التي يلتزم بمقتضاها شخص (المدين) تجاه الأخر (الدائن) بأداء معين يتمثل في إعطاء شيء، أو القيام بعمل، أو الامتناع عن عمل. في حين تعرف الحقوق المعنوية وهي موضوع هذا العرض بأنها تلك الحقوق التي يكون محلها أشياء معنوية غير مادية، وهي أشياء لا تدرك بالحس، وإنما تدرك بالفكر ولذلك أمكنت تسميتها بالأشياء الذهنية أو الحقوق الذهنية.
وهو مصطلح واسع يشمل من جهة الاختراعات والابتكارات في كافة مجالات الحياة، والرسوم والنماذج الصناعية، والعلامات التجارية، وعلامات الخدمات والاسم التجاري، والعنوان التجاري كما يشمل من جهة أخرى الأعمال الأدبية والفنية.
ويعتبر عقل الانسان هو مصدر الحقوق الفكرية، إذ تعتبر بمثابة أفكار وأعمال بشرية تتضمن صفة الابتكار والجدة، وتنشئ فيما بعد حقوقا في ظل القوانين التي لها ارتباط بالموضوع، لذلك سميت أيضا بالحقوق الذهنية.
وقد تعددت النظريات والاجتهادات حول طبيعة الحقوق المعنوية، ويرجع ذلك إلى الصعوبات التي واجهتهم في تحديد طبيعة هذه الحقوق إلى كونها لا تندرج في التقسيم التقليدي للأموال والحقوق من جهة، وإلى كونها تشمل على عناصر متعارضين، أحدهما مادي والآخر أدبي من جهة أخرى والواقع أن تحديد طبيعة الحق المعنوي باعتباره ملكية ترد على شيء غير مادي، يثير الكثير من التساؤلات لا سيما أنها ملكية من نوع خاص لها خصائص الملكية مع انعدام هذا الشيء العيني الذي يرد عليه الحق خاصة وأننا بصدد شيء مجرد غير مادي.
ولهذا فقد انقسم الفقه إلى فريقين: فريق يرى أن الحقوق المعنوية حق آخر، لأنها أقدس حق كونها تقام بناء على ابتكار ذهن الانسان، وبالتالي فإن هذا الحق المبتكر يكون متصلا بالشخص المؤلف، مما يجعل الحق الأدبي أولى بالحماية من الحقوق المادية. والكيانات غير المادية لا يمكن إدراكها بالحواس فهي تتمتع بمرتبة أسمى لكونها من نتاج الذهن البشري الذي قام بتطبيق الفكرة وبلورتها إلى كيانات مادية.
وعلى الرغم من ذلك فإنه لا يمكن تشبيه الحق المعنوي بالحق المادي لكون الاثنين قد تبلورا في النهاية إلى شيء ملموس ذلك لأن الحق المادي يعطي المالك مبدئيا حق الاستئثار المباشر على هذا الشيء سواء بالحيازة أو بالتفويت أو بأي وسيلة أخرى من وسائل الملكية نظرا لطبيعة الملموسة، بعكس الحقوق المعنوية حيث لا يمكن الانتفاع بهذه الحقوق وحيازتها وتفويتها من فكرة ومجهود ذهني إلى كيان مادي ملموس قابل للتصرف القانوني، أي إلى صورة مادية سواء كانت مصنفا أدبيا أم اسما تجاريا أو مخترعا.
في حين يرى فريق آخر أن الشيء المعنوي لا يمكن إدراكه في عالم الحس لأنه لا
يتمتع بكيان مادي ولكن يتم إدراكه بالذكر المجرد، ولهذا فإنه يختلف في طبيعته عن
الأشياء المادية التي يمكن إدراكها كونها متبلورة على شكل مادي، وتم الاتفاق مع
أصحاب المذهب السابق بأن الحقوق المعنوية يمكن لصاحبها استثمارها واستغلالها ماديا
بعد بلورتها لكيانات مادية ملموسة، مما يؤدي لانتشارها بين الناس لكي يحقق المال
المعنوي نتائجه الملموسة وهذه النتيجة لا يمكن الوصول إليها، إلا إذا تم إثبات
الابتكار الذي هو أساس الحق المعنوي.
أهمية الموضوع:
لقد حظي موضوع الملكية الفكرية والأدبية باهتمام كبير سواء على مستوى الصعيد الدولي عن طريق اتفاقيات دولية متعددة أهمها اتفاقية باريس لسنة 1883 واتفاقية برن لحماية الملكية الأدبية لسنة 1886، أو على المستوى الوطني حيث شهد هذا الموضوع اهتماما كبيرا، وأول قانون بخصوص هذا الموضوع كان بموجب ظهير 1916 لمحاربة تفشي ظاهرة القرصنة الأدبية في أوساط الصحيفة المغربية. وآخرها القانون 17.97 المتعلق بالملكية الصناعية والتجارية المعدل بمقتضى القانون 23.13، وذلك لأهميته كونه الحقوق المعنوية ترد على نتاج ذهني لذلك تدخلت التشريعات لحماية الجهد الإبداعي وتمكين المخترع من الاستفادة من مجهوداته الفكرية. وتشجيعه على الاختراع والابتكار والإبداع.إشكالية الموضوع:
يطرح هذا الموضوع إشكالية حول مفهوم الأموال المعنوية، والمعيار الذي من خلاله يمكن وصف مال بأنه معنوي مادام أن هذا الأخير يتحول من مجرد فكر وإبداع إلى صورة مادية ملموسة تجسد ذلك الفكر والإبداع.خطة البحث:
إن الأموال المعنوية تشمل الابتكارات والاختراعات إضافة إلى الرسوم والنماذج الصناعية، والعلامات من جهة والحقوق الأدبية والفنية من جهة أخرى.o لذلك ارتأينا تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين متبعين في ذلك منهجا تحليليا وصفيا وفق الشكل الآتي:
المبحث الأول: حقوق الملكية الصناعية والتجارية.
المبحث الثاني: حقوق الملكية الأدبية والفكرية.
من فضلك شارك التدوينة مع أصدقائك لتعم الفائدة ولا تنسى أن حب المعرفة هبة تنموا بالمشاركة وزكاة العلم في نشره .
شكرا علي الموضوع
ردحذف