عرض حول التزامات أطراف عقدي الوكالة والوديعة (PDF)

 بسم الله الرحمن الرحيم

السلام ورحمة الله تعالى وبركاته تحية طيبة لزملائي الطلبة و الطالبات شعبة القانون مسلك القانون الخاص

التزامات أطراف عقدي الوكالة والوديعة

مقدمة

المال قوام الحياة وعمادها الذي تنظم به والإنسان مستخلف في الأرض على تدبيره و كسبه في ما يرضي الله لقوله تعالى :" وأنفقوا مما  جعلكم مستخلفين فيه"،وقوله أيضا" إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه".

ولا تنتظم المعاملات المالية بين الأفراد، إلا عن طريق العقود لضمان حقوق الأفراد وتكوين التزام مالي يحقق مبدأ التداول و يضمن التكافل الاجتماعي بالتصرف في الثروات، على أساس الكفاية والتوزيع العادل لها مع إلغاء الاحتكار.

وهذه العقود إما أن تكون عقود عوضية أو تبرعية، وهذه الأخيرة تعد من  المعاملات الإحسانية التي يجريها المتبرع بإرادته الحرة تقربا إلى الله جل وعلا، ومن بين أهم أنواعها نجد الوديعة، فالمبدأ الأساسي الذي يحكم الميدان العقدي والذي مفاده أن العقد لا يلزم إلا من كان طرفا فيه،  فهو لا يضر ولا ينفع الغير، غير أن هذا المبدأ لا يؤخذ على إطلاقه، إذ قد يحدث أحيانا أن تنصرف أثار العقد إلى غير عاقديه، وذلك هو حال التعاقد بالنيابة حيث يقوم النائب بإبرام العقد، فتنصرف أثاره إلى الأصيل والتعاقد على هذا النحو ليس على صورة واحدة بل إنه يختلف بحسب مصدره فهو إما أن يكون قانوني أو قضائي أو اتفاقي والنيابة الاتفاقية هي التي يصطلح على تسميتها بالوكالة متى كان الوكيل مفوضا للقيام بتصرف قانوني لفائدة موكله.

والوكالة في اصطلاح الفقه الإسلامي هي أن ينيب شخص غيره في حق له يتصرف فيه كتصرفه، بدون أن يقيد الإنابة بما بعد الموت فتخرج بذلك الوصية، فإنها نيابة شخص لآخر بعد موته فلا تسمى الوصية وكالة. أما في الاصطلاح القانوني فالوكالة عقد بمقتضاه يكلف شخص شخصا آخر بإجراء عمل مشروع لحسابه.

أما الوديعة فهي المال الموضوع عند الغير ليحفظه، والوديعة عند المالكية لها تعريفان أحدهما بمعنى المصدر وهو الإيداع وهو نوع خاص من أنواع التوكيل،  لأنه توكيل على خصوص حفظ المال، أو أنها عبارة عن نقل مجرد حفظ الشيء المملوك الذي يصح نقله إلى الوديع بدون تصرف من هذا الأخير.

وثانيهما بمعنى الشيء المودَع فهي عبارة عن شيء مملوك ينقل مجرد حفظه إلى المودَع (فتحا) فالشيء المملوك هو المودع.

 وقد عرفها الفصل 781 من قانون الالتزامات والعقود المغربي بأنها "عقد بمقتضاه يسلم شخص شيئا منقولا إلى شخص آخر يلتزم بحفظه وبرده بعينه"، فالوديعة عقد يلتزم بمقتضاه شخص يسمى المودع عنده، بأن يتسلم شيئا من شخص آخر يسمى المودع، وأن يحافظ عليه ويرده عينا.

وتختلف عن الوكالة في كون هذه الأخيرة  عقدا رضائيا، بينما  الوديعة عقد عيني، وذلك حسب المادة 781 من قانون الالتزامات والعقود.

 ومن ناحية ثانية فإن الوكالة يكون محلها دائما تصرف قانوني، بينما الوديعة لا ترد إلا على المحل المتمثل في حفظ الشيء المودع ثم رده، وتشتبه الوكالة بالوديعة في الحالة التي قد يصل إلى يد الوكيل أشياء مملوكة للموكل، كمستندات يحتاج إليها لتنفيذ وكالته، إلا أن ما في يد الوكيل لم يتسلمه لحفظه كما هو الأمر في الوديعة بل تسلمه لتنفيذ الوكالة.

ومع ذلك قد تقترن الوديعة بالوكالة كما إذا أودع شخص مالا عند آخر لحفظه، ووكله في نفس الوقت بأن يدفع هذا المال بعد مدة معينة لدائن له يستوفي منه حقه.

أهمية الموضوع

نظرا للأهمية العملية والقانونية لعقد الوكالة باعتبارها وسيلة وأداة تسهل على الناس أمور حياتهم عن طريق تمكينهم من إجراء تصرفات يتعذر عليهم في بعض الأحيان  إجرائها بأنفسهم لغيابهم عن مكان العقد أو لقلة خبرتهم أو لكثرة مشاغلهم، فإن جل القوانين الحديثة اعترفت بالوكالة ونظمت أحكامها، فالتشريع المغربي من جانبه لم يحد عن هذا التوجه إذ أنه خص الوكالة بالفصول من 897 إلى 942 من ق ل ع، بالإضافة إلى هذا فإن توثيق عقد الوكالة يتم وفق إجراءات محددة وتحتاج إلى شكلية خاصة لتحريرها كل ذلك من أجل حماية  أطراف تلك العلاقة وضمان استقرار المعاملات وهدا ما يتبين من خلال القانون رقم 69.16 بتعديل المادة 4 من مدونة الحقوق العينية لإضافة الوكالة ضمن الوثائق الواجب تحريرها بمحرر رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك بواسطة محرر ثابت التاريخ.

وللوديعة دور مهم في جميع المجتمعات قديمها وحديثها، بل إنه لا يمكن لأي مجتمع أن يستغني عنها في أي زمن، ولكن هذا القول لا ينفي اختلاف دور الوديعة في المجتمعات الحديثة عنه في المجتمعات القديمة؛ ففي هذه الأخيرة كانت الوديعة تستخدم لأغراض مختلفة، إذ كان الفرد يقوم بإيداع أمواله خشية من السرقة أو النهب، ولاسيما في بعض الأزمنة التي كانت تسود فيها الحروب والاضطرابات الداخلية وانعدام الأمن، كما كان بعض الأفراد يعمد إلى إيداع أمواله لدى الغير، إن اضطر للسفر بحثاً عن عمل أو اضطر إلى ترك بلده للالتحاق بالجيش في أوقات الغزوات والحملات العسكرية أما في المجتمعات الحديثة فقد احتلت الوديعة مكانا مهما في جميع البلدان، لكونها مرتبطة جوهريا بالأنشطة الاقتصادية وتداول السلع والأموال، فتودع في مصارف ومستودعات حتى يحين موعد تسليمها لأصحابها.

الإشكالية وخطة البحث

نظرا لأهمية الموضوع وتشعب أفكاره وارتباط بعضها البعض، فإن دراستنا له سنقتصر على التزامات أطراف عقدي الوكالة والوديعة، فإلى أي حد توفق المشرع المغربي في خلق نوع من التوازن بين أطراف عقدي الوكالة والوديعة؟ 

وتتفرع عن هذه الإشكالية المركزية عدة تساؤلات فرعية لعل أهمها:

- ماهي التزامات أطراف كل عقد؟

-وأين تتجلى آثار التزامات عقد الوكالة؟

- وما الجزاء المترتب عن الإخلال بالتزامات عقد الوديعة؟ وكيف يمكن إثباتها؟

للإجابة عن كل هذه الأسئلة سنعتمد التصميم التنائي التالي، معتمدين في دراسته على منهج تحليلي:

الفصل الأول: التزامات أطراف عقد الوكالة وآثارها

الفصل الثاني: التزامات أطراف عقد الوديعة وجزاء الإخلال بها

 لتحميل العرض المرجو الضغط على رابط التحميل التالية

رابط تحميل اضغط علي هنا (PDF) هنا   

 

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال