مقال في غاية الأهمية حول: صياغة النص القانوني


 السلام ورحمة الله تعالى وبركاته


تحية طيبة لزملائي الطلبة و الطالبات شعبة القانون مسلك القانون الخاص والعام

 

صياغة النص القانوني

مقدمة:

يعتبر تقدم الأمم و المجتمعات الحديثة و رقيها رهين بوجود أسس تشريعية ثابتة تتفق و أحكام الدستور و لا تتعارض مع الجسد القانوني في الدولة و بدون أن تخرج عن المبادئ العامة للدولة ، وذلك لن يتأتى إلا من خلال خلق منظومة تشريعية تتواكب مع ملامح و أهداف إستراتيجيتها ، و تلبي احتياجاتها من  قواعد قانونية تضبط حركتها و تنظم مسارها دون عوائق أو عقبات تعطل مسيرتها أو تنقص من كفاءتها . فالصياغة القانونية تكتسي  أهمية بالغة و تتميز بطابعها التقني المعقد ، بحيث لا تكون في متناول جميع الموظفين و الأطر لكونها تتطلب فضلا عن التأهيل الفكري و المهني الخبرة و الاحترافية و هي مواصفات لا يمكن اكتسابها إلا عن طريق  التكوين و التمرس و التجربة.

أهمية الموضوع:

تتجلى أهمية  هذا الموضوع في معرفة طرق ووسائل صياغة و تطبيق النص القانوني و ذلك باستيعاب وقائع الحياة في قوالب تشريعية لتحقيق الغرض الذي تنشده السياسة القانونية.

إشكالية الموضوع:

يطرح الموضوع الإشكالية التالية:

إلى أي حد توفق المشرع المغربي في إدراج تقنيات الصياغة القانونية في و ضع النصوص القانونية؟

المنهج المعتمد:

للإجابة عن هذه الإشكالية، وجب علينا إتباع المنهج التحليلي و الاستعانة بالمنهج التاريخي و المنهج المقارن.

خطة البحث:

المبحث الأول : مدخل للصياغة القانونية

المبحث الثاني : تقنيات صياغة النص القانوني

المبحث الأول: مدخل للصياغة القانونية

   تعتبر الصياغة القانونية عنصرا هاما من عناصر تكوين القاعدة القانونية. فهي التي تخرجها إلى حيز الوجود ( المطلب الأول)، و يتوقف نجاح تلك القاعدة القانونية على دقة  الصياغة و مدى نجاعة أدواتها(المطلب الثاني).

المطلب الأول: تطور الصياغة القانونية 

  تعد الصياغة القانونية عملية ضرورية لترجمة جوهر القاعدة القانونية النظري و تحويله إلى قواعد عملية صالحة للتطبيق الفعلي في المجتمع التي توجد لتنظيمه عن طريق استعمال وسائل و أدوات معينة كفيلة بهذا التحويل . ومنه سنخصص (الفقرة الأولى) للتطور التاريخي للصياغة القانونية، و (الفقرة الثانية) لمحاولة تعريف الصياغة القانونية.

الفقرة الأولى: التطور التاريخي للصياغة القانونية

عرف القانون تطورا كبيرا عبر مجموعة من المراحل و المحطات التاريخية ، وقد رافق هذا التطور ، تقدما في طرق ووسائل صياغة و تطبيق النصوص القانونية، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر .

فالشريعة الإسلامية على سبيل المثال التي كانت تعتمد على القرآن و السنة النبوية كمصدرين أساسيين من مصادر الشريعة، والتي اعتمدت في صياغة قوانينها على مجموعة من المبادئ و الأفكار؛ كمبدأ التدرج في إصدار الأحكام[1]

وفكرة اليسر في سن و تطبيق الأحكام .

وقد تطورت مصادر الشريعة الإسلامية مع تطور الحياة وتشعبها لتعتمد على وسائل جديدة لصياغة قوانينها الشرعية، كالإجماع و القياس و الاستحسان...

تعتبر فكرة الصياغة القانونية قديمة قدم القانون و السياسة ، حيث نجدها مضمنة في سياسة أرسطو ، وكتاب الأمير لميكيافلي، وفي روح القوانين لمنتسكيو.

كما نجد فكرة الصياغة القانونية حاضرة عند الفيلسوف جيريمي بنثام[2] في كتاب "التشريع المدني و الجنائي" الصادر سنة 1820.

وقد تطورت فكرة الصياغة القانونية بشكل كبير في سويسرا ما بين 1970 و 1980، حيث تم إعطاء دروس متعلقة بالصياغة القانونية و نشرت مجموعة من المؤلفات المتعلقة بالموضوع.

أما بالنسبة لفرنسا فإنه لم يتم تجاهل الصياغة القانونية، لكن مع ذلك لم يتم الاهتمام بها بالشكل المطلوب، بحيث أن العمل في هذا المجال يعد نادر الحدوث.[3]

أما بالنسبة للمغرب فقد عرفت الصياغة القانونية تطورا هاما في الآونة الأخيرة بشكل يواكب تطور القانون. لكن هذا التطور جاء بشكل غير مباشر . بحيث لا يوجد إلى حد ألان علم يأطر تقنيات و أساليب وضع النصوص  القانونية و تطبيقها .

وخير دليل على هذا انعدام تدريس مادة تعنى بالصياغة القانونية في أغلب الجامعات المغربية.

الفقرة الثانية : مفهوم الصياغة القانونية

الصياغة القانونية لغة، هي تهيئة الشيء و بنائه و اصطلاحا هي أداة لتحويل المادة الأولية التي تتكون منها القاعدة القانونية إلى قواعد عملية صالحة للتطبيق الفعلي على نحو يحقق الغاية التي يفصح عنها جوهرها ، وذلك يتم عن طريق اختيار الوسائل و الأدوات الكفيلة بالترجمة الصادقة لمضمون القاعدة القانونية و إعطائها الشكل العملي الذي تصلح به  للتطبيق كقواعد سهلة الفهم و التطبيق غير قابل للتأويل .[4]

وحسب جاك شوفاليي[5] فإن صياغة النصوص القانونية هي العلم التطبيقي للتشريع الذي يبحث في تحديد أفضل الكيفيات لإعداد و صياغة و إصدار و تطبيق النصوص القانونية بغية إعطاء هذه النصوص صبغتها القانوني.

كما اعتبرها الأمين السابق للحكومة الفرنسية جاك فورنيير " مجمل المعارف و الأساليب المستخدمة لصيغة القوانين بشكل خاص و الأنظمة بشكل عام ، فعلم اللوجستك هو فرع من فروع العلوم التطبيقية الذي يندرج تحت القانون الدستوري و العلوم السياسية.

نخلص مما سبق أن الصياغة لقانونية هي عنصر هام من عناصر تكوين القاعدة القانونية ، فهي التي تخرجها إلى حيز الوجود و يتوقف نجاح تلك القاعدة على دقة الصياغة ومدى ملائمة أدواتها ، لهذا ينبغي مراعاة الدقة في الصياغة من خلال الاستعانة بأفضل الأدوات و الوسائل القانونية لتحقيق الغاية المقصودة منها.

المطلب الثاني : طرق الصياغة القانونية

لصياغة النصوص القانونية وجب إتباع مجموعة من الطرق المادية و المعنوية (الفقرة الأولى) و اعتماد جملة من القواعد الأساسية( الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: الطرق المادية و المعنوية لصياغة النصوص القانونية

  أولا: الطرق المادية

تتمثل الصياغة المادية في وجود تعبير مادي عن جوهر القاعدة القانونية مجسدا في مظهر خارجي لها، أما بطريقة إحلال الحكم محل الكيف أو بطريقة بعض التصرفات المتمثلة في شكلية معينة.

ويقصد بإحلال الحكم محل الكيف ،إعطاء القاعدة القانونية تحديدا محكما بالتعبير عن مضمونها برقم معين مما يجعل تطبيقها آليا ولا يملك القاضي اتجاهها عادة سلطة تقديرية ومن الأمثلة على هذا النوع من الصياغة القانونية القوانين الجنائية التي ضيق فيها المشرع على القاضي سلطة التوسع في تفسير النص.

أما الجانب الشكلي المقصود في الصياغة المادية، فيتمثل في مظهر خارجي يفرض على الأفراد إتباعه في تصرفاتهم حتى تترتب عليه آثارا قانونية معينة، ويقصد من هذه الشكلية عادة في إفراغ التصرفات في كتابة رسمية.[6]

ثانيا: الطرق المعنوية

الصياغة المعنوية هي عمل ذهني يكسب القاعدة القانونية إخراجا عمليا وتتمثل هذه الصيغ في :

القرائن القانونية، الافتراض أو الحيل القانونية.

القرينة القانونية هي عملية موضوعها أمر مشكوك فيه على أنه أمر مؤكد، أي تحويل الشك إلى يقين وإخراج القاعدة القانونية على هذا الأساس، وإذا كان مجال القرائن القانونية أصلا هو موضوع الإثبات إلا أن الحاجة إلى القرائن في مجال القواعد الموضوعية أمر قائم.

يؤخذ بمبدأ القرينة في مجال إثبات مراكز واقعية تمهيدا لتطبيق القانون عليها. 

على اعتبار أن  الشك في وضع ما لتعذر إثباته أو استحالته يتحول إلى يقين متى استعملت فكرة القرينة وهذا من شأنه أن يعمل على تحقيق الاطمئنان والاستقرار في المجتمع متى كان الإثبات العادي المباشر متعذرا[7].

 ومثال ذلك  قرينة الزوجية التي تقضي ؛ بأن المولد ابن الزوج، متى حصل الحمل وقت الزوجية.[8]

الفقرة الثانية: القواعد المتعلقة بصياغة النصوص القانونية

يخضع إعداد القوانين لمجموعة من القواعد ولعل أهمها :

- ترقيم النص:يجب وضع ترقيم ترتيبي للنص حسب تسجيله في الأمانة العامة للحكومة باعتبارها هي التي تسهر على إعداد هذا الترتيب كما يرمز إلى السنة التي تم فيها التسجيل،  وليس السنة التي تم إصداره فيها.

 لذلك فإن محرر النص يترك مكان هذا الترقيم فارغا، لكون الأمانة العامة للحكومة هي التي تتولى ترقيم النصوص حسب ترتيبها.

-عنوان النص: يجب أن يخصص لكل نص عنوان دقيق يعبر بكل وضوح عن مضمون النص، ولذلك فإنه يتعين تفادي العناوين المركبة واختيار والعناوين حسب الفكرة الرئيسة المهيمنة على النص.

-تقسيم النص وترقيم المواد: إذا تعلق الأمر بمدونة فإنها تقسم إلى كتب وتقسم هذه الكتب إلى أقسام وأبواب وفصول وفروع ،يخصص لكل منها عنوان يعكس مضمونها ثم بعد ذلك تقسم إلى مواد،وهذه الأخيرة يتم ترقيمها حسب ترتيبها في النص انطلاقا من المادة الأولى إلى آخر مادة في النص حسب الترتيب الحسابي.

-ضوابط تحرير النص: يتعين على محرر النص استعمال مصطلحات مفهومة ومتداولة واستبعاد التعابير الأدبية والحرص على وضوح الأسلوب واحترام القواعد اللغوية من أجل سلامة النص من الأخطاء اللغوية ،كما يتعين عليه استعمال الأفعال في صيغة المضارع وليس في صيغة الماضي.[9]

المبحث الثاني: تقنيات صياغة النص القانوني

يخضع سن القاعدة القانونية لاحترام قواعد قانونية من حيت المضمون و المسطرة ، وكذا لاحترام قواعد الصياغة الجيدة، وتطبق هذه القواعد على جميع القواعد القانونية من ظهائر و مراسيم و قرارات. وعلية سنعالج في( المطلب الأول)تراتبية و سريان النصوص القانونية، بينما سنخصص( المطلب الثاني) لتنظيم و تحرير النصوص و شكليات إعدادها.

المطلب الأول:  تراتبية و سريان النصوص القانونية

تخضع تراتبية النصوص القانونية(الفقرة الأولى) و سريانها (الفقرة الثانية)  للمجموعة من الضوابط الواجب إتباعها و هو ما سنحاول معالجته.

الفقرة الأولى: تراتبية النص

لقد أكد الدستور المتعلق بتراتبية القواعد القانونية أنه يجب أن تتوافق كل قاعدة قانونية مع مجموع القواعد الجاري بها العمل التي لها درجة أعلى منها ، أو على الأقل ألا تتنافى مع هذه القواعد . فمخالفة هذا المبدأ يؤدي حتما إلى عدم مشروعية النص أمام المحاكم ، و في هذا الإطار يجب اختيار النصوص التطبيقية (أولا) و الإحاطة بتقنيات و مضامين الإحالات (ثانيا).

أولا: اختيار النصوص التطبيقية

من الناذر أن يكون نص قانوني كافيا لوحده كي نطبق القواعد التي يتضمنها تطبيقيا تاما، لذلك نحيل النصوص من درجة أعلى في الكثير من الأحيان إلى تدابير تنظيمية، فإذا كان النص ذي الدرجة العليا مبدئيا يطبق على الفور ، فإنه من الضروري التنصيص على مقتضيات تطبيقية لدخوله حيز التنفيذ . كما أنه لضمان تطبيق موحد لمقتضيات القانون و كيفيات إعماله على مجموع التراب الوطني ، و يتم توجيه تعليمات الإدارة المعنية بالسهر على تطبيقه في شكل دوريات أو مناشير أو دلائل ، أو من خلال الأجوبة على الأسئلة الأكثر تداولا.

إضافة إلى ما سبق يجب إعداد النصوص التطبيقية بالموازاة مع إعداد النصوص التي تحيل عليها. ويعتبر هذا التصور في مجمله ضروريا لأجل :

1_ التأكد من درجة النصوص

2_ تحديد طبيعة النصوص التطبيقية إلي سيتم اتخاذها

3_ احترام الاختيارات القائمة لتراتبية القواعد القانونية ، كما هو الحال عند تعديل مقتضى قانوني لمقتضي أخر من نفس الدرجة التراتبية.[10]

ثانيا: تقنيات و مضامين الإحالات

فالإحالة إما عامة أو محددة ،لكن ليس من الضروري قانونيا القيام بإحالة عامة على نص تطبيقي ، دون إضافة توضيح أخر ، إلا أنه قد يصبح من المناسب إجراء ذلك في نصوص تحتوي على عدد كبير من المواد و ذلك لتيسير عملية تحديد التدابير التطبيقية المزعم اتخاذها ، لكن يمكن في بعض الحالات اعتماد الإحالة المحددة بذل الإحالة العامة و ذك من أجل إسناد مهمة تطبيق التدابير و وضع القواعد بشكل محدد إلى السلطة المكلفة.

وتجدر الإشارة إلى أنه يجب عند صياغة الإحالات على النصوص التطبيقية تفادي ما يلي:

1_ اختيار الإحالة العامة لتطبيق مقتضيات لم تحدد بدقة.

2_ يجب الاحتراس عند تحرير نص يستدعي تدابير تطبيقية إلى الإحالات التي كانت توجد قبل هذه التدابير و التي يمكم أن تتخذ شكل مادة ينتهي بها باب أو قسم أو كتاب من هذا القانون ، حيث ينبغي في هذه الحالة ضمان التناسق بين الإحالات القائمة مع تلك التي سيتم إدراجها في وقت لاحق[11]

الفقرة الثانية : سريان النصوص القانونية من حيث الزمان

 في هذا الصدد نميز بين دخول النص حيز التنفيذ ( أولا ) و التطبيق على الأوضاع الجارية ( ثانيا ).

أولا: الدخول حيز التنفيذ

 يتم تحديد تاريخ للدخول حيز التنفيذ في غالب الأحيان تماشيا مع اتخاد إجراءات خاصة يكون الغرض منها أخد الوضع الراهن بعين الاعتبار . وهكذا فإن دخول نص حيز التنفيذ بشكل فوري غير مناسب فيما يخص تدابير لها تأثير بالغ على العديد من المعنيين الذين لم يتح لهم الوقت للاستعداد لها.

فالدخول حيز التنفيذ المؤجل أو إدراج أحكام انتقالية من شأنه وحده أن يمكن من تطبيق النظام القانوني الجديد في ظروف مرضية، بل و أن يضمن أيضا احترام مبدأ الأمن القانوني.

وكذلك النصوص التي تغير الهيئات الإدارية أو تعدل مساطر تتضمن مراحل متتالية أو تغير قواعد الاختصاص تتطلب مبدئيا دخول حيز التنفيذ المؤجل أو تدابير انتقالية.[12]

ثانيا: التطبيق على الأوضاع الجارية و النسخ

تبقى المقتضيات القانونية قابلة للتطبيق  ما لم  يتم نسخها ، حتى و إن لم يتم إعمالها لفترة من الزمن ، أو تم العمل بمقتضيات تخالفها، ما لم تصدر نصوص جديدة تنسخها بشكل صريح ، أو أصبحت مخالفة لهذه النصوص .

والنسخ قد يكون بالتغيير وهو إعادة كتابة نص ما - بالضرورة – نسخ النص كما تم تحريره سابقا، وهو لا يدخل حيز التنفيذ إلا إذا دخل النص المغير بهذا الشكل نفسه حيز التنفيذ .

و إما أن يكون النسخ محضا و يظهر هذا الأخير في إحداث قاعدة قانونية جديدة ، فإن هذه الأخيرة قد يكون أيضا موضوع نظام خاص للدخول حيز التنفيذ و على الخصوص دخول حيز التنفيذ المؤجل.

المطلب الثاني : شكليات إعداد النص و تحريره

يخضع النص القانوني للمجموعة من الشكليات لإعداده (الفقرة الأولى) و  أخرى لتحريره(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: شكليات إعداد النص

يتخذ أعداد النص القانوني مجموعة من الشكليات و التي يمكن إجمالها  كالأتي:

أولا: الاستشارات

 ينتج الطابع الإلزامي أو الاختياري للاستشارة عن النص نفسه الذي أحدت الهيئة أو نص على الاستشارة، لذلك يجب احترام مجموعة من  الشروط التي يخضع لها سير الهيئة  المستشارة( التأليف، قواعد النصاب و النصوص، تعليل الآراء عند الاقتضاء) لضمان صحة الرأي و بالتالي قانونية النص، كما يجب تمكين الهيئة من إصدار قرارها أو إبداء رأيها عن معرفة بكافة العناصر. كما يجب أن يتخذ القرار ضمن شروط لا تفسد إلزامية الاستشارة و هو ما يقع  إذا كان الأجل الفاصل بين القرار و الرأي من القصر بمكان بحيث لا تتمكن السلطة من الاطلاع على هذا الأخير. أما في إطار الاستشارة الاختيارية يجب أن تكون صحيحة و تمكين الهيئة من إصدار رأيها في نفس الشروط التي ينبغي توافرها كما لو كانت الاستشارة إلزامية، وبما أنها اختيارية فيمكن ألا تستشار الهيئة حول كافة القضايا التي يثيرها المشروع وعليه فإنه يمكن في القرار المتخذ معالجة قضايا لم تعرض على نظرها.[13]

ثانيا: التوقيعات  بالعطف و النشر

 يرمي التوقيع بالعطف إلى تحميل السلطة التي وقعت بالعطف على نص ما المسؤولية الناتجة عن ذلك ، و السهر على تنفيذ النص بكيفية مشتركة مع السلطة التي لها صلاحية توقيعه.

أما بخصوص النشر فإنه يتم في الجريدة الرسمية و له وظيفتين :

1_ إطلاع الإدارة و الجمهور على النصوص.

2_ إمكانية الاحتجاج بهذه النصوص.[14]

الفقرة الثانية: تحرير النصوص القانونية

أولا: النصوص المرجعية

إن الغرض من الإشارة للنصوص المرجعية في مشاريع النصوص التنظيمية يتجلى في تعليل صلاحية السلطة المختصة بربطها عند الاقتضاء بالنص الذي يتعين تنفيذه، والإحالة إلى الأحكام التي نصت بهذا الخصوص على التدخل اللازم لمؤسسات أو هيئات، إضافة إلى تبيان النصوص التي يتعين على المشروع تطبيقها .

وتجدر الإشارة إلى أن النصوص المرجعية ليس لها أي أثر قانوني خاص، فإغفال الإشارة إلى نص مرجعي أو خطأ فيه لا يؤثران على المشروعية القانونية للنص. بالإضافة إلى ذلك فإنه يشار إلى كل نص مرجعي عند الاقتضاء- ماعدا إذا تعلق الأمر بمدونة- برقمه و تاريخه وعنوانه كما هو منشور في الجريدة الرسمية، حيث يشار إلى المدونة ضمن النصوص المرجعية بعنوانها فقط دون الإحالة إلى النص الذي انبثقت عنه.

ثانيا: مختلف أنواع التصاميم

 يجب أن يتم تنظيم النص القانوني وفق الشكل الذي يوافق موضوعه. لكن هناك تصاميم نموذجية لبعض الأنواع من النصوص منها:

-يتضمن المرسوم المتعلق بهيئة الموظفين في معظم الأحيان نفس العناوين الخمسة: المقتضيات العامة التي تحدد مهام الهيئة و المناصب التي يمكن تعيين أعضائها فيها، التوظيف، الترقية، وعند الاقتضاء المقتضيات المتعلقة بالتصنيف في الدرجة و المقتضيات الانتقالية و الختامية.

-يتناول النص المتعلق بإحداث مؤسسة عمومية على التوالي مقتضيات عامة (التسمية، الطبيعة، المهام....)،التنظيم و التسيير و النظام المالي و مقتضيات انتقالية و ختامية.

لكن بالرغم من وجود هذه النماذج ، يجب التقيد ببعض القواعد البسيطة التي يمكن إدراجها  في :

إذا كان هناك نص أو جزاء منه بتناول قواعد تطبق على عدة فئات من الهيئات أو المصالح أو المجالات ، منها ما هو مشترك ومنها ما هو خاص ، فينبغي البدء "بالمقتضيات المشتركة" ثم التطرق على التوالي للمقتضيات الخاصة بكل فئة.

ويجب عند معالجة النص التطرق أولا لما يشكل موضوعه الأساسي، في غالب الأحيان تحت عنوان مقتضيات عامة ، ثم يأتي بعد ذلك مختلف أنواع المقتضيات حسب الموضوع المعالج.[15]

خاتمة:

 إن موضوع الصياغة القانونية وغايته هو تسهيل العمل بالقانون و يتحقق ذلك من خلال عدة أمور كاستخدام مناهج وأساليب في الصياغة تمكن قدر الإمكان من احتواء كافة الوقائع في مجال القواعد القانونية . إن وقائع الحياة المتنوعة تعصى عن الإدراك، فب حين أن أساليب الصياغة القانونية محدودة  الإمكانيات ، لذا يصعب على أي فن بشري ، مهما بلغ من الكمال ، أن يصوغ مبادئ وقواعد تصلح لكل  الأمور و في كافة الأزمنة ، وينبغي أن تصب القواعد و تسهر وفقا للأشياء و الوقائع على نحو تتسع لما بينها من تنوع و تفاوت .

وختاما تعد الصياغة القانونية أداة الصائغ القانوني التي يهدف من خلالها إلى إيصال الغرض المقصود من القانون. و بهذا يكون المشرع المغربي قد وفق إلى حد كبير في استعمال هذه الأدوات بطريقة غير مباشرة ،بالرغم من عدم وجود علم يعنى بالصياغة القانونية ضمن المنظومة التعليمية المغربية.

لائحة المراجع

_ BORIS BARRAUD. La légistique, la recherché juridique l’Harmattan 2016 .

-محمد حنين " تقنيات صياغة النصوص القانونية و الإدارية" ط 2005.

-دليل "صياغة النصوص القانونية" التي أنجزت في إطار التوأمة المؤسساتية بين الأمانة العامة للحكومة المغربية و نظيراتها بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي فرنسا و اسبانيا " الطبعة الأولى سنة 2015.

- الأستاذ حيدر السعدون المؤمن " بحث في مبادئ الصياغة القانونية

3: جيريمي بنثام (1832/1748) عالم قانوني و فيلسوف انجليزي و مصالح اجتماعي ، شملت مواقفه الحجج المؤيدة للفرد و الحرية الاقتصادية و الفئدة والفصل بين الدولة و الكنيسة.

  BORIS BARRAUD . OP , P 9:[3]

 : د هيثم الفقي ، الصياغة القانونية " مشار إليه في بحث عن مبادئ الصياغة القانونية للدكتور حيدر سعدون المؤمن ص 2 ط غير متوفرة" [3

6: هو فيلسوف كاثوليكي فرنسي و لد سنة 1882 في مدينة سيريلي  و توفي سنة 1962، شغل منصب وزير دولة للتعليم من أعماله  تاريخ  الفكر السياسي و دروس في الفلسفة.

: موقع ستار تايمز الالكتروني  المتعلق بالشؤون القانونية[6]

: موقع ستار تايمز الالكتروني  المتعلق بالشؤون القانونية[7]

: قال الرسول صلى الله عليه و سلم " الولد للفراش "[8]

:د محمد حنين " تقنيات صياغة النصوص القانونية و الإدارية" ط 2005 ص 20الى 25[9]

11: دليل "صياغة النصوص القانونية" التي انجزت في إطار التوأمة المؤسساتية من الامانة العامة للحكومة المغربية و نظيراتها بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي فرنسا و اسبانيا  الطبعة الاولى سنة 2015ص 17و 18

: دليل" صياغة النصوص القانونية " مرجع سابق ص 19[11]

: دليل" صياغة النصوص القانونية " مرجع سابق 20/21[12]

 :دليل" صياغة النصوص القانونية " مرجع سابق ص 27[13]

: دليل" صياغة النصوص القانونية " مرجع سابق ص 28[14]

 : دليل" صياغة النصوص القانونية " مرجع سابق ص31 [15]

 

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال