بسم الله الرحمن الرحيم
جريمة التفالس في القانون المغربي
مقدمة
لقد سبق أن أشرنا إلى أن الطابع العقابي الذي كان طاغيا في مادة الإفلاس لا يزال يرخي بظلاله على نظام الإجراءات الجماعية المغربي الجديد؛ ذلك أن المشرع المغربي، علاوة على كونه ارض بمقتضى الكتاب الخامس من مدونة التجارة لسنة 1996 عقوبات جديدة تطبق كما رابئا في ما تقدم في مادة صعوبات المقاولة، قد حافظ كذلك على جرائم التفالس والجرائم الأخرى التي يعاقب عليها جنائيا، لكنه نظمها تنظيما مستقلا، إذا لم يعد يديل بخصوص ذلك على مقتضيات القانون الجنائي كما كان عليها لأمر في السابق.
وتأسيسا على ذلك، فسنتطرق إلى التفالس ( المبحث الأول ) ثم إلى الجرائم الأخرى المعاقب عليها في صعوبات المقاولة ( المبحث الثاني ) والى قواعد المسطرة المتعلقة بالتفالس وبهذه الجرائم الأخرى مادام أن الأمر بهم الجانب الجنائي وليس الجانب المدني أو التجاري ( المبحث الثالث).
المبحث الأول: جريمة التفالس
مما يستفاد من المادتين 721و 722 من مدونة التجارة أن التفالس لا تتم الإدانة به إلا في حالة معينة ( المطلب الأول ) وبالنسبة لفئات محددة من الأشخاص ( المطلب الثاني) وذلك نتيجة ارتكابهم أحد الأفعال المحددة ( المطلب الثالث ) التي نقتضي أن يعاقب عليها بالعقوبة المقررة لذلك (المطلب الرابع ) .
المطلب الأول: الحالة التي تمكن فيها الإدانة بالتفالس
لا يكون مجال للمتابعة من اجل التفالس إلا في الحالة التي تكون فيها المسطرة. المفتوحة ضد المقاولة المتوقفة عن الدفع تتمثل في مسطرة للمعالجة، أي التسوية القضائية؛ كما تنص المسطرة المفتوحة على ذلك الفترة من المادة 721 من مدونة التجارة وخلافا لذلك فإذا كانت المسطرة المفتوحة تتمثل في التصفية القضائية فلا تتم المتابعة من اجل التفالس، وإنما يتابع الشخص المعني بالأمر بإحدى الجرائم الأخرى المنصوص عليها في المادة 724 ٠من هذه المدونة شريطة أن يتم ارتكاب أحد الأفعال المبررة للمتابعة
المطلب الثاني: الأشخاص الممكن إإدانتهم بالتفالس
حسب الفترة الأولى من المادة 721 من مدونة التجارة، فإن الأشخاص الممكن إدانتهم بالتفالس هم أولئك المشار إليهم في المادة 702 من هذه المدونة. وبذلك فإن الإدانة بالتفالس تشمل التاجر الشخص الطبيعي ومسيري الشركات التجارية والمجموعات ذات النفع الاقتصادي التي يكون لها غرض تجاري، سواء كانوا مسيرين قانونيين أم فعليين، وسواء كذلك أكانوا يتقاضون أجرا أم لا يتقاضون أي اجر عن مزاولتهم لمهام التسيير، كما يدان بالتفالس الأشخاص الذين ليس لهم صفة تاجر أو صفة مسير لشركة تجارية أو لمجموعة ذات نفع اقتصادي لها غرض تجاري، وذلك كلما تبث مشاركتهم في الأفعال المبررة الأفعال المبررة للإدانة بالتقالس، كما تنص على ذلك المادة 722 من مدونة التجارة في فقرتها الثانية
المطلب الثالث: الأفعال المبررة للإدانة بالتغالي:
حدد المشرع الأفعال المبررة بالإدانة بالتفالس وذلك بموجب المادة 721 من مدونة التجارة التي تنص على أنه يدان بالتفالس في حال افتتاح إجراء المعالجة للأشخاص اممشار إليهم في المادة 702 الذي تبين أنهم ارتكبوا أحد الأفعال التالية:
1- قاموا إما بعمليات شراء، قصد البيع بثمن أقل من السعر الجاري أو لجارا إلي وسائل مجحفة قصد. الحصول على أمواله بغية تجنب أو تأخير فتح مسطرة المعالجة
- 2اختلسوا أو أخفوا كلا أو جزء من أصول المدين؛
- 3قاموا تدليسا بالزيادة في خصوم المدين؛
- 4قاموا بمسك حسابات وهمية أو أخفوا وثائق حسابية للمقاولة أو الشركة أو امتنعوا عن مسك أية حسابات رغم أن القانون يفرض ذلك. المطلب الرابع: العقوبة المطبقة على التفالس تطبيقا للمادة 722 من مدونة التجارة، فإن المتفالس يعاقب بالحبس من سنة إلى خس سنوات وبغرامة من 10. 00 إلي 100. 00 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط.
ويتعرض المشاركون في التفالس لنفس العقوبتين وإن لم تكن لهم صفة مسير المقاولة فردية أو المقاولة، في شكل شركة تجارية أو في شكل مجموعة ذات النفع الاقتصادي لها غرض تجاري.
هذا وعندما يكون المتفالس مسيرا قانونيا أو فعليا لشركة ذات أسهم مسعرة بالبورصة القيم، تضاعف العقوبتان
المذكورتان أنفا، حيث تصل العقوبة الحبسية إلي عشر سنوات كحد أقصى في حين تصل العقوبة بغرامة 00. 00 درهم كحد نصي.
المبحث الثاني: الجرائم الأخرى المعاقب عليها في مادة صعوبات المقاولة
يتعلق الأمر بجرائم تتم المعاقبة عليها بنفس العقوبتين المقررتين بالنسبة للتفالس، هذه الجرائم التي يمكن بدان من
أجلها كل من لسنديك والدائنين ومسيري المقاولة المشار إليهم في المادة 702 من مدونة التجارة وأشخاص
آخرين الذين قد يقومون ببعض الأفعال لفائدة هؤلاء المسيرين، وذلك تطبيقا لأحكام المادة 724 من مدونة التجارة التي تنص على أنه يعاقب بنفس عقوبات التفالس: الأشخاص الذين أخفوا أو ستروا أو كتموا كلا أو جزء من الأموال المنقولة أو العقارية لفائدة الأشخاص المشار إليهم في المادة 702, والأشخاص الذين صرحوا تدليسا بديون وهمية أثناء المسطرة سواء باسمهم أو بالغير
ويعاقب أيضا بنفس العقوبات كل لسنديك اقترف أحد الأفعال التالية:
- 1الإضرار عمدا وسوء بمصالح الدائنين، إما باستعماله لأغراض شخصية أموال تلقاها بمناسبة قيامه بمهمته، وإما بإعطائه. بإعطائه منافع للغير يعلم أنها غير مستحقة
- 2الاستعمال اللامشروع للسلطة المخولة له قانونا، في غير ما أعدت له بشكل معاكس لمصالح المدين أو الدائنين.
- 3استغلال السلط المخولة له من أجل استعمال أو اقتناء بعض أموال المدين لنفسه سواء قام بذلك شخصيا أو بواسطة الغير ويعاقب أيضا بنفس العقوبات. الدائن الذي يقوم بعد صدور حكم القاضي بفتح مسطرة التسوية أو التصفية القضائية بإبرام عقد أو عدة عقود تخوله امتيازات خاصة على حساب الدائنين الآخرين.
المبحث الثالث: الإجراءات المسطرية في التفالس والجرائم الأخرى
يمكن اختزال الإجراءات المسطرية المتبعة في التفالس والجرائم الأخرى الممكن الإدانة من أجلها في مادة صعوبات المقاولة في النقط الرئيسية الآتية:
لا يسري التقادم، بالنسبة للدعوى العمومية الممكن إثارتها تطبيقا للمقتضيات المتعلقة بالتفالس، والجرائم الأخرى المذكورة آنفا إلا من تاريخ النطق بحكم القاضي بفتح مسطرة المعالجة، وذلك حينما تكون الأفعال المجرمة قد ظهرت قبل هذا التاريخ كما تنص على ذلك المادة 725 من مدونة التجارة.
ومع ذلك فإننا نرى بأن التقادم المذكور لا يسري إلا من تاريخ الحكم بالتصفية القضائية وذلك في الحالة التي تكون فيها الأفعال المجرمة، المعاقب عليها تطبيقا للأحكام الفقرة الأخيرة من مادة 724 من مدونة التجارة قد ظهرت قبل صدور هذا الحكم فالمشرع المغربي يشير في هذه الفقرة إلى كل من التسوية القضائية والتصفية القضائية، وذلك خلافا للظهير الفرنسي الذي انتصر على التسوية القضائية، الأمر الذي يقتضي أن تتم قراءة المادة 725 من منظور ما نراه بهذا الخصوص وإلا فسيكون هناك تناقض بين المقتضيات هذه المادة ومقتضيات الفترة الأخيرة المادة 724 السابقة لها .
شارك الموضوع مع اصدقائك في مجموعات فيسبوك لتعم الفائدة
بالتوفيق للجميع